وإن أفسد للودّ قضية.. لا مشكلة في ذلك. والله أعلم عاوتاني.

الأحدث

6/recent/ticker-posts

وإن أفسد للودّ قضية.. لا مشكلة في ذلك. والله أعلم عاوتاني.

 


 

 

 

هلّوسة

مما لا شك فيه أن مواقع التواصل الاجتماعي قد أشبعت شهوتنا للكلام ولبّت هوسنا إليه كبشر يحبون الثرثرة حبّاً جماً.. وأعطتنا فرصة لتشكيل تحالفات دون الحاجة للقاءٍ مباشر يفضي لرسم الحدود، وخطّ الأرضيات التي على ضوئها يُضمُّ الجمع وتصبح لهم "تيكيت" واحدة.. وجدنا أنفسنا نتفق معهم في كل شيء من الموقف لحدود الأمل مرورا بنفس الانطباعات المُفسرة لكل ما يحدث من حوالينا، هنا، أو في مكان أخر تصلنا أخباره بفضل التكنولوجيا.. هناك نسخ اكتشفت بعضها البعض بمساعدة عوالم هذه المواقع المُتشعبة والواسعة، وحين أقول نسخاً متشابهة في كل شيء ما عدا التبايّن والاختلاف في خلقة الله التي خلق بكل واحد على حدة، فانا هنا لا أضخم من المسألة بل أعني ما أقول عن تجربة طويلة في عديد المواقع التي تسمح بخلق صداقات وتفتح باب الدرشة على مصرعيها في وجه الجميع، إلا من أخل بضوابط النشر، فإنه يعاقب بالحظر لمدد مختلفة حسب تقييمات المسؤولين عن إدارتها لحجم الخطأ الذي اقترفه المشترك.. عثر البعض على نسخ منهم يتفقون مع أصحابها في كل شيء.. في الأراء والدين والمعتقد والأيديولوجية الفلسفية.. في تسريحة الشعر المحبّب،ة وفي نوع السينما ذاتها يرتاحان معا.. يقرأن لنفس المدرسة الأدبية ويأكلان نفس الأطباق - تقريبا - مع تعارضٍ بسيط في كمية التوابل التي يفضلها كل واحد منهما في الطبق الذي أمامه، مع أن المكونان المطهوة من داخل المطبخين المتباعدبن جغرافيا، هي نفسها..

وكما أعطتنا هذه المواقع فرصة عقد الصداقات وبناء جسور الود والتآلف والمحبة والاتفاق والتعاطي بنفس الأيديولوجية مع القضايا المثارة أو الأحداث البارزة؛ فمن خلال اسمها، مواقع التواصل الاجتماعي، ولنكون أكثر مبدأية في ترجمتها للواقع، فكما ولَدت الصدقات والتحالفات المبنيّة على اتفاق وجهة النظر، من الطبيعي وأمر عادي أن تخلق أعداء لا يحبوننا لأسبابهم الخاصة وهذا لا يزعج إلا من مشاعره رطبة كرغوة الصابون .. سنتصادف، هنا، مع أشخاصٍ يختلفون معنا في كل شيء، ابتداء من الرأي، بلوغا للطريقة التي تشكلت عليها ملامح وجهك.. هناك من سيكرهك لأنك بلا أسنان بيصاء كالتي تظهر عند مقدمو نشرة الأخبار.. من لن يستلطف تواجدك بناءً على تموقع أنفك من تلك التقاسيم للتي تشكلت عليها ملامحك.. ستخلقُ حروباً لفظية عن الدين، والمذهب، والمرجعية.. وأيهما أفضل: الأيفون أم السامسونغ، وعن مدى وقاحتك حسب تقييمات كل واحد للوقاحة.. ستتفاجأ صباحا بصورتك وقد تعرضت لشوّال من التنمر والتهكمات و"الهاهات" المُسترخصة فيك الإبتسامة، وفي حالة كنتَ من مشجعي نعومة لعبِ الدلافين بزعانفها الرطبة في الماء ، فإنك ستعاني كثيرا لأن تصلُّب وتقسّو وتترجّل وتلك مهمة وعمل الوقت والحياة..

إننا لن نجعل من دوران عجلة هذه المواقع وما يتماشى مع أهوائنا وما نراه - نحن - أو - هم - الأصح والأجدر به أن يكون.. لقد طردنا من الجنة بسبب غواية حواء لأدام التي اغواها - هي الأخرى - الشيطان، فكان ذلك لطرد / الخروج بداية حرب أزلية بين البشر والشياطين..

والله أعلم من فينا : من البشر ؟ ومن هم الشياطين؟

لهذا، لا تكن يا عزيزي هشاً وتنزعج حين لا تجد من لا ينظر لنوال السعدواي بنفس نظرتك لها.. تلكم سنن الله في الكون.

الاختلاف.

وإن أفسد للودّ قضية.. لا مشكلة في ذلك.

والله أعلم عاوتاني.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات